الرئيسية / العقدة المستعصية على الحل بين الدولة والكيف

العقدة المستعصية على الحل بين الدولة والكيف


رغم ذلك، فإن أول نص تشريعي صدر في المغرب حول الكيف كان قبل ذلك بعامين، عندما صدر ظهير شريف في “إجراء العمل بالظهير المتعلق بمراقبة جلب الدخان والكيف خفية وفي منع ذلك”، بتاريخ 7 ماي 1915، في الجريدة الرسمية الفرنساوية، والذي انصب على تنظيم عملية احتكار جلب الكيف، وساوى بين الكيف والدخان، بعدما خول شركة حصر الدخان احتكار عمليات بيعهما واستيرادهما وتصنيعهما، لكن هذا القانون لم يأخذ زخما كبيرا كالذي جاء بعده لأنه شمل منطقة الحماية الفرنسية والتي لا تضم المناطق التاريخية لزراعة القنب الهندي.

لطالما شكلت نبتة القنب الهندي عبئا ثقيلا على الدولة، ليس في المرحلة الحالية بل منذ بدء زراعتها في المناطق الشمالية للمغرب حوالي القرن الخامس عشر الميلادي. ويحيل مسار التعامل مع هذا الملف من بوابة التشريع على تاريخ شكلت فيه هذه النبتة عقدة مازالت مستعصية عن الحل حتى اليوم.
وفي هذا الصدد، جاء الظهير الشريف في 6 فبراير 1917 والصادر بالجريدة الرسمية بالمنطقة الخليفية بتاريخ 10 مارس 1917 (الجريدة الرسمية لمنطقة النفوذ الإسباني بالمغرب والتي كانت تطبع بالإسبانية في مدريد منذ 10 أبريل 1913)، والذي بمقتضاه تم الترخيص لقبائل “كتامة” و”بني سدات” بإقليم الحسيمة و”بني خالد” بإقليم شفشاون، بزراعة الكيف بشرط أن لا يبيع المزارعون محاصيلهم إلا لشركة احتكار الدخان في المغرب، لتصبح بذلك هذه النبتة المورد الرئيسي للساكنة المحلية.
بالرجوع إلى مصادر تاريخية، يظهر أن السلطات الحاكمة تعاملت مع زراعة الكيف في المغرب بشكل مختلف، بين مشجعة لها بالنظر لفوائدها ومزاياها على المستوى الاقتصادي وبين محارب لها بسبب طبيعتها التخديرية بعد تحويلها، لكن هذه الزراعة لم تعرف انتعاشا إلا في عهدي الحماية الإسبانية والفرنسية، حيث تم الاستناد في تأطيرها إلى معاهدة الجزيرة الخضراء الموقعة في فاتح أبريل 1906 والتي اشترطت أن تكون زراعة وإنتاج الكيف محتكرة من طرف الدولة. ولهذا الغرض تأسس شركة دولية سنة 1910 حملت اسم “الشركة الدولية ذات المصالح المشتركة المستفيدة من امتياز الاحتكار”، والتي امتد نشاطها في عهد الحماية إلى المنطقة الإسبانية والمنطقة الدولية بطنجة.

ويبقى ظهير 3 مارس 1919 المشهور بـ”ظهير ضبط الكيف” هو الأهم في مسار التقنين، لأن بموجبه تم السماح للفلاحين بزراعة الكيف، شريطة تقدمهم بطلب إلى إدارة شركة التبغ للحصول على الرخصة من أجل مزاولة هذه الزراعة، وخصص لهذا الغرض مركزان الأول بمنطقة الحوز في الجنوب والثاني في منطقة الحسيمة. وكانت هذه الشركة تتولى بنفسها جمع المحصول من الفلاحين، وتقوم بتوجيه لائحة بأسمائهم إلى السلطات المحلية.

عن y2news

اترك تعليقاً