الرئيسية / اخبار حصرية / تعقيدات سياسية ومراحل جدلية ممتدة لـ20 سنة.. العفو العام ودوامة الإشكالات

تعقيدات سياسية ومراحل جدلية ممتدة لـ20 سنة.. العفو العام ودوامة الإشكالات


وعلى مرتين متتاليتين، رفعت رئاسة البرلمان، فقرة قانون العفو العام من جدول اعمال جلساتها كان أخرها جلسة اليوم السبت، وتأجيلها الى جلسة غد الاحد، في الوقت الذي لايزال النقاش والخلافات تدور حول القانون.

حول تدوير هذه الفقرة، يوضح عضو مجلس النواب ضرغام المالكي، بالقول إن “قانون العفو العام لم يرفع من جدول الأعمال بل تغير الموعد فقط”، مضيفاً في حديث لـ السومرية نيوز، “كان من المقرر ان تتم القراءة الأولى اليوم السبت، لكن بطلب من بعض النواب لفهم حيثيات القانون وتفاصيله تم تأجيله إلى يوم غد وأدرج كأول فقرة”.

وأشار إلى أن “هذا المشروع يحتاج دراسة دقيقة وهنالك حقوق وأحقاق ومتضررين ولا نريد الضرر بل الانصاف ليكون بصالح الشعب بشكل عام”.

ويرجح مراقبون رفع القانون من جدول اعمال الجلسة وتأجيله الى الجلسة القادمة ليوم غد، لكي تكسب القوى السياسية المزيد من الوقت للاتفاق على إعادة تعريف من يشملهم القانون.

*مطلب مباشر من القوى السنية
ومضى أكثر من عام، على عدم اتفاق الكتل السياسية بشأن بعض فقرات قانون العفو العام، ومنها “تصنيف الإرهاب” وتمييز مَن هو إرهابي عن غيره، الأمر الذي تسبب بتعطيل إقرار القانون.

ويُعد قانون العفو العام أحد أبرز مطالب الكتل السنية التي اشترطت إقراره أثناء مفاوضات تشكيل إدارة الدولة الذي ضم الإطار التنسيقي الشيعي والكتل الكردية والسنية والذي تمخض عنه تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني.

ويتهم بعض نواب القوى السياسية الشيعية ان القانون يهدف الى اخراج والعفو عن بعض الإرهابيين، في الوقت الذي تنفي القوى السياسية السنية ذلك، حيث يجري الخلاف على تعريف “من هو الإرهابي؟”، حيث ان تهمة الإرهاب طالت اشخاص لم يقوموا بجرائم فعلية، حيث يعاقب قانون مكافحة الإرهاب حتى من كان لديه “علم بعمل قد يصنف انه عملا إرهابيا”، وهو ما يجعل تعريف الإرهابي محل خلاف في القانون.

ويتضمن البرنامج الحكومي، وفق نواب من المكون السني، إصدار قانون العفو العام والتدقيق الأمني في محافظاتهم وإلغاء هيئات أو إيقاف العمل بها كانت تشكل مصدر قلق وأزمة لديهم.

في السياق، يؤكد النائب سجاد سالم، أن تصنيف الإرهاب “يعطل إقرار قانون العفو العام”، مشيرا إلى أن هناك جدلاً سياسياً بشأن إدراجه للقراءة الأولى.

وقال سالم، في حديث صحافي، إن “مادة الإرهاب تعيق إقرار العفو العام وتمريره داخل مجلس النواب، مبينا أن العفو بحاجة الى توافق سياسي من أجل تمريره”.

وأضاف، إن “هناك خلافاً بين القوى السياسية على فقرة تتعلق بالإرهاب”، موضحا أن “الخلاف يتضمن استفهامات بخصوص من هم المشمولون بالعفو”، مبينا أن “العفو تم رفعه إلى رئاسة المجلس و لايزال القانون بحاجة الى مزيد من التوافق السياسي قبل إدراجه للقراءة الأولى”.

*مراحل العفو
في شهر تشرين الأول من عام 2004، أصدر رئيس الوزراء المؤقت آنذاك، أياد علاوي، عفواً عاماً مدته شهر شمل المتورطين في جرائم غير خطيرة ولم تصدر بحقهم اتهامات، والمنتمين إلى جماعات شاركت في شن هجمات مسلحة.

وفي عام 2008 صوت مجلس النواب قانون جديد للعفو العام، وفي الثالث من آذار عام 2008 نشرت جريدة الوقائع العراقية قانون العفو العام رقم 19، والذي استثنى المحكومين بالإعدام بموجب قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، والمحكومين في الجرائم الآتية:

أ‌- الجرائم المنصوص عليها في الفقرة (ثانياً) من المادة (1) من قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا رقم (10) لسنة 2005.

ب‌- جرائم الإرهاب أذا نشأ عنها قتل أو عاهة مستديمة .

ج- جرائم القتل العمد.

د- جرائم القتل الخطأ التي لم يتنازل ذوو العلاقة فيها عن حقوقهم الشخصية.

هـ- جرائم خطف الأشخاص.

و- جرائم السرقة المقترنة بظرف مشدد.

ز- جرائم اختلاس أموال الدولة أو تخريبها عمداً.

ح- جرائم الاغتصاب و اللواط.

ط – جرائم الزنا بالمحارم.

ي- جرائم تزييف العملة العراقية أو الأجنبية و جرائم تزوير المحررات الرسمية.

ك- جرائم المخدرات.

ل- جرائم تهريب الآثار .

م – الجنايات المنصوص عليها في قانون العقوبات العسكري رقم (19) لسنة 2007.

في عام 2012، بدأ الحديث عن قانون جديد للعفو العام حمل بين طياته الكثير من اللغط. ورغم المطالبات السنية في حينها، إلا أن مشروع القانون لم يرَ النور حينها وانتهى في غرف التفاوض السياسية.

بعد مرور ثماني سنوات على قانون العفو، وتحديدا في 25/8/2016، صوّت مجلس النواب على قانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016، والذي يتيح للسجناء والمحكومين تقديم طلبات بإعادة محاكمتهم.

وبشرح مبسط لقانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016، فإنه:

اولا: شمل هذا القانون العراقيين فقط دون العرب والاجانب.

ثانيا: جاء هذا القانون باستثناءين فقط لإطلاق سراح المشمولين بأحكامه وهي شرط التنازل من قبل المجني عليه او المدعين بالحق الشخصي وشرط دفع أي مبالغ مالية تترتب لصالح الدولة او الاشخاص.

ثالثا: جاء القانون بإعفاء مرتكبي كافة الجرائم سواء الجرائم التي لم تحرك الدعوى فيها او في طور التحقيق او في طور المحاكمة او التي صدرت فيها احكام سواء كانت حضورية او غيابية وسواء كانت الاحكام جزائية مدنية او عسكرية.

رابعا: لم يشمل هذا القانون العقوبات الانضباطية كالعزل او الفصل من الوظيفة او أي عقوبة تأديبية اخرى بالإضافة الى المطالبة بالتعويض المدني.

خامسا: الجرائم غير المشمولة بأحكام العفو العام هي:

1- جرائم النظام السابق وفق قانون المحكمة الجنائية المركزية.

2- الجرائم الارهابية.

3- جرائم أمن الدولة.

4- جرائم الاتجار بالبشر.

5- جرائم المخدرات.

6- جرائم الزنا بالمحارم والاغتصاب والواط.

7- جرائم الخطف.

8- جرائم تهريب الآثار.

9- جرائم غسيل الاموال.

10- جرائم الاختلاس.

11- جرائم تهريب المسجونين وايوائهم.

12- جرائم الاتجار وحيازة الاسلحة الكاتمة.

13- جرائم تزييف العملة او اوراق النقد والسندات المالية والمحررات الرسمية.

سادسا: على الرغم من ان المشرع قد استثنى تلك الجرائم من العفو الا انه أوجد مخرجا للمشمولين بها وقد جاء بتلك الاستثناءات منها وعلى الشكل الآتي:

1- جاء باستثناء عن بعض الجرائم الارهابية حيث لاحظنا انه استثنى الجرائم الارهابية الا انه جاء بتأويل تلك الجرائم وشمولها بالعفو حيث نص على: “إلا التي نشأ عنها قتل او عاهة مستديمة او تخريب مؤسسات الدولة ومحاربة القوات الحكومية”، ومفهوم المخالف لهذا النص يقضي بشمول الارهابين الذين ثبت بأنهم ارهابيون الا ان أفعالهم لم تكن فيها الحالات المذكورة آنفا فهم مشمولون بأحكام العفو العام الا اننا نشاهد ان القضاء العراقي من خلال تطبيقه القانون والقرار الصادر من المحكمة الجنائية المركزية لم يشمل هؤلاء وعد الانتماء للمجاميع الارهابية يعد فعلاً غير مشمول بأحكام قانون العفو, واستندت في ذلك الى ذيل المادة (4/ثانياً) والتي تنص على أنه (وكل جريمة ارهابية ساهم بارتكابها بالمساعدة أو التحريض أو الاتفاق).

2- استثنى جرائم الخطف من العفو الا انه شملها اذا لم يقترن الخطف بإحداث عاهة او موت او مجهولية المخطوف.

3- استثنى تهريب المسجونين او المتهمين اذا كان الجاني زوجا او قريبا له من الدرجة الاولى.

4- استثنى جرائم الاختلاس اذا سدد المختلس ما بذمته من اموال حكم بها عليه بموجبها.

سابعا: جاء هذا القانون ليستثني ايضا بعض الجرائم التي نص على عدم شمولها بأحكام العفو وذلك بشروط وهي دفع مبالغ مالية عن ايام التوقيف الباقية من مدة المحكومية وكذلك شرط ان المحكوم قد قضى ثلث مدة محكوميته فيها وهي كالآتي:

1- جرائم الاتجار وحيازة الاسلحة الكاتمة والمتفجرات والاسلحة المتوسطة والثقيلة.

2- جرائم الاتجار بالبشر.

3- جريمة الاتجار بالمخدرات.

4- جرائم الاغتصاب والزنا بالمحارم.

5- جرائم غسيل الاموال.

ثامنا: كذلك جاء القانون ليستثني الجرائم الارهابية حتى وان حصلت فيها عمليات قتل او اي حوادث ارهابية اخرى حيث شملهم بإعادة المحاكمة ضمن شروط وهي ان تكون إدانة الارهابي ناتجة عن اعتراف انتُزع بالإكراه منه او أن إدانته قد جاءت عن طريق شهادة متهم او مخبر سري وتختص بتدقيق تلك المحاكمات لجان خاصة يشكلها مجلس القضاء الاعلى.

تاسعا: جاء القانون بأنه لا يشمل أي متهم او محكوم اذا كان قد استفاد من قانون العفو السابق لعام 2008.

عاشرا: استثنى قانون العفو العام الجرائم الواقعة على قوات التحالف قبل عام 2011 مالم يكن مرتكبوها قد تلوثت أيديهم بدماء العراقيين.

*تعديل
في شهر آب من عام 2017، صوّت مجلس النواب على قانون التعديل الأول لقانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016 وذلك بعد خلافات عميقة بين الكتل السياسية استمرت لعدة أشهر وانتهت بالوصول لصيغة توافقية مررت القانون بعد إلغاء العديد من فقراته المقترحة الرئيسية لدرجة أنه أصبح يشبه القانون الأصلي بدرجة كبيرة مع تعديلات طفيفة أضافتها بعض القوى في مجلس النواب.

وتضمنت أبرز التعديلات، شمول الأشخاص المعتقلين من الذين يتم إجراء تسوية بينهم وبين ذوي الحق الشخصي بالعفو، بالإضافة إلى شموله من يتم تسديد ما بذمتهم من أموال للصالح العام عن جرائم الفساد.

كما تم تعديل فقرة تمنع العفو عن جميع من أُدينوا وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب المعمول به في البلاد، بعد العاشر من يونيو/حزيران 2016، وهو تاريخ احتلال تنظيم “داعش” الإرهابي مدينة الموصل. كما تم تعديل الفقرة الخامسة في المادة الثالثة من القانون، والخاصة باستثناء جرائم الخطف والاغتصاب من إجراءات العفو.

كما تم منح من أمضى ثلث مدة محكوميته بجرائم التزوير إمكانية العفو، مع استبدال ما تبقى من فترة سجنه بواقع 50 ألف دينار عن اليوم الواحد.

عن y2news

اترك تعليقاً