وأضاف، أن “وعي شعبنا وإصراره في كل عملية انتخابية على احداث التغيير والتجديد في تداول السلطة وادارتها سلمياً، لهي مدعاة الى تثبيت قواعد آمنة في السلوك السياسي الملائم لبيئتنا العراقية وواقعنا المجتمعي وظروفنا المركبة، ومن أهم هذه القواعد هو معرفة التحديات وتشخيصها، والتعامل معها بروح المسؤولية الوطنية التي تجعل كلاً منا مسؤولاً من موقعه تجاه تنفيذ الالتزامات التي فرضتها طبيعة تلك التحديات وما تقتضيه من معالجات”.
وتابع الحكيم حديثه، قائلا: “فلا يمكن احداث التغيير المنشود. والإصلاح المطلوب، ومواجهة العقبات والقيود، من دون الالتزام بإجماع الكلمة منهجا في العمل السياسي ومسارا في توحيد الجهود”.
وذكر رئيس تيار الحكمة، “لا يمكن لأي حكومة تنفيذية أن تعمل من دون اسناد سياسي وبرلماني فاعل ومؤثر، ولا يمكن أيضا لأي سلطة تشريعية أن تراقب وتصحح من دون تفاعل وتعاون حكومي متزن، جميعنا في مركب واحد وجميعنا ستُقيّمه أقلام التاريخ ودفاتر الوطن، وإذا لم نتوحد في مواجهة التحديات فلن يصمد نظامنا السياسي طويلاً، وسيتعرض الى هزات أعنف مما تعرض له طيلة العشرين عاما”.
ولخص الحكيم التحديات التي تواجهه العراق بعدة نقاط، مبيناً أن من هذه التحديات: ـ “التحدي السياسي فأن ما يميز الدساتير والأنظمة السياسية في العالم هو درجة تفاعلها وقدرتها على احداث التغيير الملموس لدى الشعوب وفي حياة المواطنين، وكلما تحلى النظام السياسي بمرونة التغيير.. كلما أصبح الاستقرار السياسي أكثر ثباتا وتماسكا، وكلما كانت الدساتير والقوانين قريبة من واقع المجتمع السياسي الذي تحكمه كلما زاد التزام المواطنين تجاه القوانين واللوائح الوطنية، ونحن نعلم جيدا أن مرحلة كتابة الدستور مرت بظروف استثنائية أحاطتها الهواجس المتراكمة طيلة سنوات الاستبداد والدكتاتورية والتهميش وإلغاء الآخر، وكان لذلك أثر واضح في طبيعة بعض المواد الدستورية، وفي ظل التجربة السياسية وما آلت اليه الأمور من نضج سياسي وتراكم في تجارب المسار الديمقراطي”.
وأكد، ان “عادة النظر في بعض المواد الدستورية يعد أمرا جديا وضروريا ولابد من التوقف عنده، لاسيما وبلدنا يعاني من بعض المشاكل البنيوية بين فواعله السياسية، التي أصبحت مدخلا للخلاف والتناحر، فاللجوء المستمر إلى تفسير بعض المواد الدستورية مع كل دورة انتخابية ومرحلة سياسية قد أوجد التزاما آخراً يضاف الى الالتزام بعلوية الدستور وهو من الأمور التي تسبب اضعاف الثقة والمصداقية بين الفرقاء والشركاء على حد سواء، فما زلنا نفتقر الى نظام انتخابي عادل وموحد غير خاضع لأمزجة الرياح السياسية وتقلباتها، وما زلنا نفتقر الى حسم آليات العلاقة الاتحادية والفيدرالية وتطبيقاتها العملية بين الحكومة الاتحادية وبين إقليم كوردستان، ولأيمكن القبول بجعلها في مهب التصفيات والتدخلات الخارجية، وما زلنا نفتقر أيضاً الى وجود عقيدة عسكرية موحدة وإن كانت متنوعة في مفاصلها الأمنية، فلابد من مغادرة لغة التشكيك في ولاءات مؤسساتنا العسكرية والأمنية ويجب أن ننشغل في تطوير واحترافية هذا التنوع وادارته بفلسفة وطنية خالصة”.
وأشار الحكيم الى أن “التحدي الثاني يتمثل بالوضع الاقتصادي، فلا يخفى على أحد عمق التحديات الاقتصادية التي لا تقتصر على العراق فحسب، بل إنها تشمل المنطقة والعالم بأسره، لكن ما يميز غيرنا هو استعدادهم المسبق لتجاوز الأزمة والذهاب نحو حلول جذرية تجعل من الأزمات الاقتصادية حلولاً وفرصاً جديدة، وإن ما يميز أزمتنا الاقتصادية هو أن حلولها داخلية بالدرجة الأساس وليست خارجية، ولا نحتاج الى تعاون أو تدخل خارجي كبير لحلها، فكل ما نحتاجه هو تشخيص دقيق لأولويات المعالجة والإصرار والصبر على تحقيق الأهداف المرجوة، فلدينا اقتصاد ريعي يعتمد بالأساس على النفط، ولدينا زيادة سكانية كبيرة، ولدينا نقص كبير في البنى التحتية الاستثمارية، ولدينا ضعف في الأنظمة المصرفية، وما زلنا نعاني من ضعف الإجراءات الكفيلة بحماية المنتج الوطني وتطويره والوصول به الى مستوى الاكتفاء الذاتي محلياً على أقل التقادير، ولا تنقصنا الخبرات، ولا العقول البشرية، ولا المواد الأولية، في النهوض بالزراعة والصناعة والسياحة والتكنلوجيا والاستثمار”.
وبين الحكيم، ان “التحدي الاخر الذي يواجه العراقيين هو العامل الاجتماعي، فأن عملية بناء بلدنا وتطويره لابد أن تراعي جميع الجوانب وجميع المستويات، فلا يمكن أن نتحدث عن بناء وتطوير سياسي من دون أن يصاحب ذلك تطوير في البُنى الاجتماعية والثقافية، فالمواطنة هي مزيج تفاعلي بين الحقوق والواجبات، وهما أمران لا يمكن معرفتهما من دون وعي ونضج ثقافي واجتماعي، فقد تعرض مجتمعنا وما زال يتعرض الى تشويش ثقافي دخيل ومقصود ينزع الى ضرب البنية المجتمعية، ويستهدف نسيج الأسرة العراقية بشكل خاص”.
وأتم قائلا: ” حمى الله العراق وشعبه وشبابه، وتحية إجلال واكبار لمرجعيتنا العليا متمثلة بالإمام السيستاني (دام ظله الوارف) والرحمة والخلود لشهدائنا ولاسيما الشهيدين الصدرين وشهيد المحراب وعزيز العراق وقادة الانتصار “.