الرئيسية / اخبار حصرية / ولاداتٌ بـ “الجملة”.. تحديد النسل في العراق يصطدم بالدين والواقع: هل سيُطبق؟

ولاداتٌ بـ “الجملة”.. تحديد النسل في العراق يصطدم بالدين والواقع: هل سيُطبق؟


ووفقاً لإحصائيات صادرة عن دوائر الصحة في مختلف محافظات العراق، فإن الولادات شهدت تزايداً ملحوظاً، حيث سجلت دائرة صحة الرصافة وحدها، أكثر من 30 ألف ولادة خلال الربع الأول من العام الحالي فقط.

وسبق لوزارة التخطيط إن نفت في الشهر الماضي الاخبار التي تداولتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بشأن نية الوزارة الإعلان عن توجهها لتحديد النسل في العراق لكنها تحدثت حينها عن الوثيقة الوطنية للسياسات السكانية، في ظل اقتراب العراق من الدخول في “الهبة الديموغرافية” التي يصبح فيها السكان الناشطون اقتصاديا، يمثلون الشريحة الاكبر في المجتمع، وتتضمن هذه الوثيقة مجموعة من السياسات السكانية ومن بينها ما يرتبط بعملية تنظيم الاسرة.

وحسب إحصائية رسمية صادرة عن وزارة التخطيط العراقية، في شهر آذار الماضي، بلغ عدد سكان العراق أكثر من 41 مليون شخص، وأكبر عدد من السكان يقطنون في محافظة بغداد التي يصل عدد نفوسها الى أكثر من ثمانية ملايين و750 الف شخص اضافة الى ذلك فقد اشارت وزارة التخطيط الى ان العراق يزداد سنوياً مليون نسمة بحسب التقديرات السنوية لعدد السكان.

السومرية نيوز، تواصلت مع الخبير القانوني، علي التميمي، الذي أكد صعوبة تشريع أي قانون يحدد النسل في العراق لوجود ضوابط وعوائق دينية ودستورية تمنع المضي بهكذا خطوة تحت أي مبرر.

وقال التميمي في حديثه للسومرية نيوز، إن “قضية تحديد النسل او تشريع قانون لها ترتبط وتتاشبك وتتداخل فيها جوانب وعوامل متعددة، أولها ان القرآن الكريم أشار في قوله تعالى (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات) وقال تعالى أيضا (ولا تقتلوا أولادكم خشية املاق نحن نرزقهم وإياكم) كما اشارت في هذا الصدد الاحاديث النبوية حيث قال رسول الله ص (تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة)”.

واضاف التميمي: “وفقا لما تقدم فإن تحديد النسل اذا كان خاصا بالرجل والمرأة لأسباب خاصة ممكن تحديد الحمل والولادة اي منع الحمل الخاص، ويمكن أن يكون مؤقتا اودائما، لكن تحديد النسل بشكل عام يخالف النصوص الشرعية كما يرى فقهاء المسلمين”.

وتابع ان “دولا عديدة اوربية اضافة الى الصين قد فشلت في سن قوانين تحديد النسل في النتائج من حيث الشيخوخة والدفاع عن تلك البلدان كما تقول الكاتبة الأميركية باتريك بوكان في كتابها (موت الغرب)”، لافتا الى انه “في حال شرع مثل هذا القانون فإنه يخالف مادة ٢ اولا من الدستور العراقي حيث لا يجوز سن قانون يخالف ثوابت وأحكام الإسلام”.

واكد التميمي، انه “يمكن الطعن بهكذا إجراء او قانون أمام المحكمة الاتحادية وفق المادة ٩٣ اولا من الدستور العراقي من حيث الرقابة على دستورية القوانين”.

الباحث بالشان المجتمعي علي الجوادي، رجح صعوبة تمرير أي تشريع قانوني تحت قبة البرلمان يتعلق بتنظيم الاسرة نتيجة هيمنة الاحزاب الاسلامية على البرلمان، مشددا على اهمية التنظيم الاسري بسبب ارتفاع النسبة السكانية وعدم قدرة إمكانيات الدولة على توفير البيئة المناسبة للنمو الصحيح الى تلك الأعداد.

وقال الجوادي في حديث للسومرية نيوز، إن “عملية تنظيم الاسرة هي الية كانت متبعة في العراق خلال فترة السبعينات من القرن الماضي وحتى بدايات الثمانينيات، على الرغم من أن سكان العراق حينها لم يكن يتجاوز الـ 15 مليون نسمة”، مبينا ان “الآلية توقفت خلال الحرب العراقية الايرانية على اعتبار ان النظام السابق كان يريد وقوداً لتلك الحروب من الشباب”.

واضاف الجوادي، ان “العراق اليوم يتجاوز حاجز الاربعين مليون نسمة والعدد في تزايد مستمر بحسب احصائيات وزارة التخطيط، بالتالي فان تنظيم الاسرة وحتى تحديد النسل أصبح حاجة ضرورية ضمن المعطيات الحالية”، لافتاً إلى أن “الامكانيات الضعيفة للدولة في توفير العمل والسكن والمدارس والواقع الصحي المتواضع يجعلنا أمام ضرورة تنظيم الاسرة لاحتواء أي زيادة سكانية”.

وتابع: “لا بأس من مضي الدولة في عملية تنظيم الاسرة في العراق، على اعتبار ان الزيادة السكانية في العراق وهي الاعلى عالميا، في ظل وضع مضطرب قد تتحول الى مشاكل يعاني منها المجتمع بشكل كبير خصوصا مع ارتفاع ظاهرة التسرب من المدارس والامية بين شريحة الشباب والأحداث لأسباب مختلفة منها قلة المدارس او الحاجة المادية للاسر الضعيفة والحاجة الى العمل لتوفير المعيشة الاسرية وضعف الضبط من الدولة لاحتواء الزيادة السكانية وغياب الاندية الرياضية التي يمكن استغلالها لتفريغ الشباب طاقاتهم”.

وأوضح، أن “الخطوة ربما تكون متأخرة قليلا لكن التفكير بها هي خطوة صحيحة قبل تفاقم الازمة بشكل اكبر يجعلها تخرج عن السيطرة”.

وبيّن أن “حديث وزارة التخطيط عن وثيقة لتنظيم الاسرة حتى اللحظة ما زالت عناوين اعلامية ولم نطلع على مضمونها، كي يتم الحكم على الإجراءات المتبعة فيها وهل ستتحول الى قانون ام سيقتصر دورها على الجانب الارشادي للاسرة”.

وأكمل: “في حال فرضية تحول تلك الوثيقة الى قانون بغية وضع إجراءات رادعة للمخالفين لقضية تنظيم الاسرة فإن علامات الاستفهام ستكون كثيرة عن إمكانية تشريعه داخل قبة البرلمان وكيف يمكن تطبيقه والسيطرة على الولادات، وما هي العقوبات للمخالفين وكيف سيكون موقف القوى السياسية داخل قبة البرلمان والتي يغلب الطابع الاسلامي على اغلبها كونه موضوع حساس من الناحية الشرعية”.

وأكد الجوادي، أن “التنظيم الأسري مهم جدا لكن توقعي انه ينحصر في مجال التوعية والإرشاد نتيجة للمعوقات التي ذكرناها ولن ترتقي الى مستوى التشريع القانوني لان تمريرة صعب نتيجة هيمنة الاحزاب الاسلامية على مجلس النواب”.

عن y2news

اترك تعليقاً