الرئيسية / أخبار إقتصادية / طعنة الإسبان في الظهر تكشف خطورة برميل البارود الاجتماعي بالشمال

طعنة الإسبان في الظهر تكشف خطورة برميل البارود الاجتماعي بالشمال


قرصة الأذن .. ليلة النزوح

صدمة ليلة الهروب الجماعي

لكن السؤال المطروح هنا هو: إذا خفف المغرب من عدد حراس الحدود قصدا لتوجيه رسالة إلى إسبانيا، فأين كان الحرس المدني الإسباني على الطرف الآخر؟ وهل عبء إيقاف جحافل المهاجرين يقع فقط على المغرب أم هو عمل مشترك يقع على الحدود بين البلدين وتلزمه يقظة مشتركة بين المغرب وإسبانيا؟

«صوت الحسن ينادي بلسانك يا سبتة، فرحي يا أرض بلادي غنضربوها بسلتة»، هكذا عبر الفايسبوكيون المغاربة عن ليلة النزوح الجماعي للمهاجرين غير النظاميين إلى إسبانيا، إنها مسيرة أخرى في اتجاه الشمال. وفي ظرف يوم واحد، وصل ستة آلاف مهاجر على الأقل إلى جيب سبتة المحتلة قادمين من الفنيدق المجاور للمدينة الواقعة على الساحل المتوسطي. عدد قياسي وغير مسبوق بالنسبة لعدد المهاجرين القادمين دفعة واحدة، بينهم مئات من القاصرين والنساء وأفراد من عائلة واحدة أحيانا، وصلوا إلى سبتة عن طريق البحر، إما سباحة أو مشيا على الأقدام في فترة الجزر، متجاوزين الحواجز الحدودية والأسلاك الشائكة.

حدث غير مسبوق في تاريخ الهجرة بالبحر الأبيض المتوسط، في ليلة واحدة نجح ستة آلاف مهاجر غير نظامي في الوصول إلى سبتة المحتلة، في سياق تجاذبات سياسية بين مدريد والرباط بسبب استقبال الحكومة الإسبانية لزعيم الانفصاليين إبراهيم غالي تحت هوية مزورة كشفتها المخابرات المغربية، والتي قدمت حتى أسماء أربعة جنرالات جزائريين كانوا وراء عملية استقدام “محمد بن بطوش” إلى مستشفى إسباني، ما اعتبرته الخارجية المغربية طعنة في الظهر.
الطرف الإسباني حاول أن يعوم القضية بربطها بضغط المغرب على الحكومة الإسبانية لتغيير موقفها من قضية الصحراء أو باستخدام ورقة الاتحاد الأوربي لترهيب المملكة، لكن قرصة الأذن التي قام بها المغرب نجحت في كل الأحوال في ظرف قياسي، وكانت لها انعكاسات جد سلبية على مدريد، فقد ألغى رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانتيش زيارة كانت مرتقبة إلى باريس لكي يتفرغ لمشكل النزوح الجماعي لهجمة مهاجرين، عشرون بالمائة منهم قاصرون، واستدعى نشر وحدات من الجيش في الحدود مع الأراضي المغربية وداخل المدينة المحتلة، وهو ما يعني كلفة مرتفعة تصل إلى الملايين.

وكل هذا قد يشعر البعض في داخل المملكة بالندية والقوة الوطنية ويقدم خدمة لتماسك سلطة الدولة في جنوب المتوسط بعد أن عبرت كل المكونات السياسية والاجتماعية عن غضبها من السلوك الإسباني باستضافة زعيم الانفصاليين إبراهيم غالي، حتى أن مسؤولا مغربيا من وزن مصطفى الرميد أكد أن من حق المغرب أن يمد رجليه في الشمال.

لا يمكن التغاضي عن رسالة المغرب من الهجرة الجماعية التي تمت انطلاقا من مدينة الفنيدق اتجاه سبتة المحتلة، فقد تم استغلال عطلة العيد، حين ينخفض عدد رجال أمن الحدود، وهو ما دفع المئات إلى الزحف على مدينة الفنيدق مستغلين تخفيف الحراسة من الجهة المغربية وهدوء أحوال البحر الذي كان في حالة جزر، وهو ما سمح للمئات منهم بعبور البحر مشيا على الأقدام حتى سبتة المحتلة، وهكذا تمكن ستة آلاف مهاجر غير نظامي من الوصول إلى «إسبانيا». وفي الوقت ذاته، شهدت مليلية المحتلة عملية اقتحام قام بها 300 من المهاجرين المنحدرين من جنوب الصحراء فجر الثلاثاء السابق لليلة العيد، حيث نجح العديد منهم في العبور إلى المدينة.
إعداد: زينب مركز
وبعد ترويج أشرطة فيديو وتدوينات لعدد من النشطاء والإعلاميين تبرز مغاربة يتوجهون إلى سبتة، وصور مهاجرين منحدرين من دول الساحل جنوب الصحراء وهم يتوجهون إلى الجنوب الإسباني بحرا عبر سبتة أو مليلية، وسوء المعاملة الذي لقوه من طرف الحرس المدني الإسباني الذي عنف قاصرين وألقى بمتسللين آخرين في البحر، انتقد نشطاء أوربيون ومنظمات دولية مهتمة بالهجرة السرية، سوء المعاملة غير الإنسانية التي ووجه بها العديد من المهاجرين، بينما خرج إسبان للتظاهر أمام السفارة المغربية بمدريد، وحاول بعضهم إحراق العلم المغربي.
فما هي الأسباب العميقة لهذا النزوح الجماعي للمغاربة نحو إسبانيا عبر جيب المدينة المحتلة؟ وإذا كان الأمر يعتبر قرصة أذن من المغرب الرافض للعب دور دركي لإسبانيا، والمطالب بالارتقاء إلى شراكة ندية بين بوابتي القارتين الإفريقية والأوربية، فإنه عكس مظاهر أزمة عميقة في المجتمع المغربي تطرح السؤال المشروع: ما حقيقة ما يجري في تدبير الشأن العام بشمال المملكة والذي سبق أن فجر أحداثا اجتماعية خطيرة، ليس آخرها حراك الريف؟
بدأت عملية الزحف الكبير فجر يوم الاثنين السابق لعيد الفطر عندما بدأ العشرات أولا، ثم المئات، يدخلون إلى سبتة من نقطتي الحدود مع المغرب، من الواجهة المتوسطية المحاذية لمدينة الفنيدق ثم من بلدة بليونش المطلة على مضيق جبل طارق. هذه الموجة البشرية التي لا سابق لها في تاريخ الهجرة بين المغرب وإسبانيا، بل وفي عموم البحر الأبيض المتوسط حسب المراقبين، تطرح أسئلة عميقة حول نجاعة السياسات العمومية في المجال الاجتماعي والاقتصادي للمملكة للحد من هذه الظاهرة المقلقة التي جعلت مدينة بكاملها تحاول «الحريك» إلى الضفة الأخرى.

المقاربة الأمنية ناجعة لكنها لا تكفي

عن y2news

اترك تعليقاً